وعلى الرغم من تشابك الملفات في الداخل السوري بظل الإدارة الجديدة تحت قيادة أحمد الشرع، لا شك أن لكل منطقة في سوريا خصوصيتها المرتبطة بالموقع والانتماء وهذا ما يطرح بقوة اليوم مخاوف من سيناروهات التقسيم أو الحرب الطائفية.
محافظة السويداء في الجنوب السوري جزء من هذا المشهد المعقد والملفات المرتبطة بها شائكة للغاية تبدأ من موقعها الحساس ولا تنتهي عند خصوصيتها الطائفية كمحافظة بغالبية درزية وأقلية مسيحية.
خطر داعش
جزء من هذه المخاوف مرتبط بتواجد تنظيم داعش في البادية السورية التي تحد المحافظة من الشرق، خاصة مع وجود تجربة مؤلمة للمنطقة بهجوم دام للتنظيم عليها عام 2018.
التنظيم يأخذ اليوم شكل الخلايا المبعثرة في البادية السورية بمحيط جبل البشري وجبل العمور والسخنة وتدمر التي تبعد عن السويداء حوالي 350 كم، وأي نشاط مكثف للتنظيم سيصاعد بلا شك مخاوف تكرار التجربة الدامية.
وقبل أيام حذر مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، من استغلال مسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي للأوضاع الراهنة في سوريا، لا سيما بعد تغير مواقع السيطرة في المنطقة بعد انسحاب قسد من بعض مواقعها.
قلق داخلي
يتداول نشطاء من داخل المحافظة على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تعكس حالة من القلق على مستقبل المحافظة التي يشكل الدروز حوالي 90 بالمئة من تعداد سكانها.
عناصر هيئة تحرير الشام حتى اللحظة لم تدخل إلى السويداء ومن يسيطر على المحافظة عبارة عن مجموعات مسلحة محلية، وعلى الرغم من ذلك تكثر التساؤلات بشأن طريقة تعاطي الإدارة الجديدة مع السويداء مستقبلا وهل ستؤخذ خصوصية المحافظة بعين الاعتبار في المرحلة المقبلة.
ماذا عن إسرائيل؟
يدعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن الاحتلال الجديد للأراضي جنوب سوريا “إجراء مؤقت” ويهدف فقط لتعزيز أمن إسرائيل.
واحتل الجيش الإسرائيلي منذ سقوط حكومة بشار الأسد، عدة مواقع في القنيطرة ودرعا جنوبي سوريا.
وأمام هذه الزحف الإسرائيلي جنوبا، تتصاعد المخاوف أيضا من استمراره باتجاه السويداء، وهذا في حال حصل برأي مراقبين سيكون خطوة من سلسلة خطوات قد يكون هدفها فصل الجنوب عن الجغرافيا السورية.
وفي هذا السياق ، قال الكاتب والصحفي السوري نورس عزيز في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” إن “السلاح موجود في محافظة السويداء بشكل كبير، والمجموعات المسلحة المحلية أصبحت أكثر خبرة في أي مواجهة محتملة مع تنظيم داعش، خاصة بعد هجوم التنظيم على المحافظة عام 2018″.
وتابع: “من الصعب جدا أن تدخل هيئة تحرير الشام إلى محافظة السويداء عسكريا، وفي الكواليس يتم الحديث عن نظام حكم لا مركزي في كل المحافظات”، مضيفا أن “الجولاني في أول اجتماع مع وفد من المحافظة في دمشق قال إن التوجه القادم قائم على فكرة أن محافظ السويداء سيكون من أبنائها والقوات العسكرية فيها ستكون منضوية تحت وزارة الدفاع”.
وأكمل: “مصير الجنوب السوري حتى اللحظة غير واضح ولم يظهر للعلن، سيناريو الوصاية الإسرائيلية على الجنوب أمر وارد”، مضيفا أن “أكبر المخاوف في السويداء اليوم انجرار البلاد باتجاه الحرب الطائفية أو الذهاب باتجاه سيناريو التقسيم الوارد جدا”.
من جانبه، قال الباحث السياسي عبد الحميد توفيق لموقع “سكاي نيوز عربية”: إن “خطر تنظيم داعش على السويداء خطر قائم لا شك لكن لا أعتقد أنه خطر كبير، لأننا تخصلنا من سبب الفتنة الأساسي المتمثل بنظام الأسد وإيران وحزب الله الذين سهلوا هجوم داعش على محافظة السويداء عام 2018”.
وأضاف أنه من المتوقع أن الولايات المتحدة ستكثف عملياتها في البادية السورية ضد التنظيم، ولها من ذلك 3 أهداف:
- أولا: إرسال رسالة للسطلة الجديدة في سوريا بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها طالما أنها متعاونة في تنفيذ الطلبات الأميركية في المنطقة.
- ثانيا: هناك أكثر من 8000 عنصر لداعش في السجون التي ترعاها قسد وهناك تخوف أميركي من انفلاتهم.
- ثالثا: تريد الولايات المتحدة التأكيد على أنها قاردة على قول الكلمة الفصل في سوريا.
وتابع توفيق: “التفاهم الحاصل بين هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة المحلية في السويداء مؤشر إيجابي للغاية، استقبال الجولاني لوليد جنبلاط في دمشق إشارة على أن الإدارة الجديدة ستراعي خصوصية المحافظة”.
وأكد توفيق أن “لا خطر حاليا على المحافظة، أهالي السويداء متماسكون وإدارتهم للمرحلة سواء في عهد الرئيس السابق بشار الأسد أو في المرحلة الحالية أثبتت نجاحها”، لافتا إلى أن “الجولاني قال إن أهالي السويداء هم جزء أساسي من الدولة وتمكنوا من تخليص أنفسهم بأنفسهم من النظام البائد”.
وأكمل: “نحن الآن في مرحلة قلقة للغاية، سوريا اليوم تواجه تحديات كبيرة ووجودية، نواجه وضعا داخليا مضطربا للغاية، ما حدث في سوريا عنوان القرن الواحد والعشرين، وفلول النظام البائد قد يكون لها مصلحة بعدم استقرار سوريا”.