ومن خلال مشروع “أطلس الخلايا البشرية” (HCA)، الذي يضم علماء من حوالي 100 دولة حول العالم، قام الفريق الدولي بتحليل 100 مليون خلية من أكثر من 10 آلاف شخص مختلف حول العالم، بهدف تحديد التشابهات والاختلافات بين خلايا البشر من خلفيات ديموغرافية وجينية متنوعة.
وبحلول عام 2026، يعتزم الفريق نشر النسخة الأولية من أطلس الخلايا البشرية بالكامل والذي سيحدد موقع وهوية ووظيفة كل خلية في مراحل الحياة المختلفة.
ويعد هذا الأطلس مجرد مسودة أولية، مع إمكانية تحديثه لاحقا ليشمل مليارات الخلايا عبر الأعضاء والأنسجة المختلفة، كما يتوقع العلماء.
والآن، نشر العلماء أكثر من 40 ورقة بحثية ستساعد على وضع المسودة الأولى الرائدة لأطلس الخلايا البشرية. وقد نشرت هذه المجموعة من الأبحاث، يوم الأربعاء 20 نوفمبر في مجلة Nature، وهي توفر تفاصيل عن خلايا العديد من الأعضاء والأنظمة الحيوية في الجسم البشري، مثل الرئتين، والدماغ، والجلد. كما تناولت الأبحاث الأدوات الحسابية المتقدمة اللازمة لتحليل تلك البيانات الضخمة.
وقد قارن أفيف ريجيف، الرئيس المشارك المؤسس لجمعية الخرائط البشرية، التقدم بالقفزات في رسم الخرائط التقليدية، قائلا: “لقد انتقلنا من خرائط بدائية تعود إلى القرن الخامس عشر إلى خرائط غوغل الحديثة التي تشمل تفاصيل دقيقة مثل التضاريس، وطرق الشوارع، وحركة المرور”.
يقدم أطلس الخلايا البشرية خرائط تفصيلية للأنسجة والأنظمة البشرية طوال الحياة، إلى جانب طرق التعامل مع بيانات الخلية الواحدة.
أربعة علماء يفكرون في كيفية قيام المشروع بتحويل فهمنا لبيولوجيا الإنسان https://t.co/uF8NxsxyxR
— الطبيعة (@Nature) 20 نوفمبر 2024
وأضاف في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 19 نوفمبر: “هذه هي القفزة التي قمنا بها، الانتقال من الخرائط التي تبدو بدائية مثل هذه إلى الخرائط التي تتمتع بدقة خريطة غوغل، لكن ما يزال أمامنا عمل يجب القيام به”.
وتتضمن الدراسات الجديدة خريطة مفصلة للجهاز الهضمي، تمتد من المريء إلى القولون. وقام العلماء برسم خريطة للجهاز الهضمي السليم بناء على 1.1 مليون خلية أخذت من نحو 190 شخصا.
كما قاموا بتجميع البيانات من أشخاص يعانون من حالات مختلفة في الجهاز الهضمي، بما في ذلك التهاب القولون التقرحي ومرض كرون. ومن خلال هذا العمل، اكتشفوا نوعا من الخلايا يبدو أنه يساهم في التهاب هذه أمراض، ربما عن طريق استدعاء الخلايا المناعية.
وفتح العلماء نافذة على التطور البشري المبكر، في دراسات أخرى، وكشفوا عن كيفية تطور المشيمة وبدء الهيكل العظمي في التكون في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
وقد كشفت دراسة حديثة عن حالات لم يسبق لها مثيل للخلايا أثناء استعدادها لتكوين الجمجمة.
كما قام الفريق بالتحقيق في الجينات التي قد تكون متورطة في عيوب خلقية، مثل تعظم الدروز المبكر (craniosynostosis)، وهو التشوه الذي يحدث عندما تندمج النقاط اللينة في الجمجمة قبل الأوان.
وركزت بعض الدراسات على “العضواني” (organoids)، وهو نسخ مصغرة من الأعضاء البشرية المزروعة في المختبر.
ونظرت إحدى هذه الدراسات في “عضواني الدماغ” الذي يحاكي الأدمغة النامية. وقارن العلماء خرائط الأدمغة البشرية بتلك العضوانية، ووجدوا أنه حتى الثلث الثاني من الحمل، على الأقل، يتطابق “عضواني الدماغ” مع دماغ الجنين بشكل وثيق. ولكن تظل الأسئلة مفتوحة حول التطابق في الثلث الثالث من الحمل.
وأجرى مختبر آخر دراسة مماثلة تبحث في “العضوانيات الجلدية”، لمعرفة مدى تشابهها مع الجلد الحقيقي، ما يتيح تحسين طرق إنتاجها واستخدامها في أبحاث الأمراض.
ويعمل اتحاد أطلس الخلية البشرية العالمي على تطوير واستخدام مناهج تجريبية لإنشاء خرائط مرجعية شاملة لجميع الخلايا البشرية كأساس لفهم صحة الإنسان وتشخيص الأمراض ورصدها وعلاجها.
ويعمل العلماء حاليا على تجميع المسودة الأولى لأطلس الخلية البشرية بحلول عام 2026، والتي ستتطور في نهاية المطاف لتشمل ما يصل إلى مليارات الخلايا في جميع الأعضاء والأنسجة.
المصدر: لايف ساينس
إقرأ المزيد
جين واحد يشخص 30 حالة طبية غامضة
تمكن فريق دولي من العلماء من تقديم تشخيص وراثي لـ30 مريضا لم يتم تشخيص حالاتهم لسنوات على الرغم من الاختبارات السريرية أو الجينية المكثفة، بفضل اضطراب نادر لدى مريض واحد.
هل جيناتك هي السبب وراء حبك للحلويات؟
توصل فريق دولي من الباحثين إلى أن هناك اختلافا وراثيا في قدرتنا على هضم بعض أنواع السكريات، وقد يؤثر ذلك على مقدار حبنا للأطعمة الحلوة وكمية استهلاكنا لها.